#لا تستهزؤوا بي ايها العقلاء ، ولا تشمتوا بي، هذه قصتي وانتم الحكم.
لقد كنتُ اعتقد ان الشيوخ والفقهاء وكلاء الله علينا وهم قدوتنا الى ابواب الجنة الثمانية ، وأنهم يتكلمون بحكمة من الله ونور من رسوله واكثر معرفة بالقرآن وتفاسيره ، لقد كنتُ أتخيل أن اعمالي وصلاتي وصومي يزنها الشيخ والفقيه حتى تأخذ طريقها الى الله.
ايها الاحبة لقد كنت أظن ان العمامة واللحية والمسبحة والثوب الفضفاض والسروال الواسع القصير وتخضيب اللحية بالحناء كلها من أركان الدين وعلامات التقوى، ويقاس الالتزام بالدين بطول شعر اللحية ودكانة لون وحجم الطابع على جبين المتديّن.
ايها الاخوة لقد كنت أعيش قلقًا دائمًا وخوفًا من سؤال القبر لعلي ارسب فيه ، لقد اخبروني ان في القبر عذاب وحيات وعقارب حتى ركبني الهلواس ،لقد علموني ان الفلسفة كفر والصور حرام والتماثيل يجب كسرها لانها وثن.
احبابي لقد صدّقتهم لاعتقادي أنهم مفوّضين من الله لنشر الحب والرحمة والحنان ، لقد قتلوا فيّ الابداع حتى اني كنتُ أتّهم المخالفين لي ولطريقتي ولمذهبي بالضلال والكفر والنفاق مهما صلّوا وصاموا وأنفقوا وتصدّقوا وأحسنوا.
يا رب لقد كنت أظن أن الله الذي وسعت رحمته كل شيء ، وملأ نوره السماوات والأرض يفكّر بنفس تفكير الشيوخ اللذين استمد منهم تفكيري.
ايها الاخوة لقد عشت متخبطًا فكريًا ، ومضطربًا نفسيًا ، حاقدًا على الجمال والفن والشعر ، والابداع، لقد قلت في نفسي لماذا المخالفون لي يعيشون وهم كفار ومشركون ومرتدون ؟ ولماذا الله اعطاهم الاموال والصحة والجمال؟
قلت في نفسي لماذا نسمح لهم بالحياة وهم ذاهبون الى النار؟ لقد قالوا لي شيوخ التراث ان المسلم الذي يذهب للعيش في بلاد الكفار ضالًا في النار لانه سوف يمتع عينيه بالنساء الجميلات الشقروات صاحبات العيون الخضر .
يا من يقرأ هذه الخواطر لا اخفي عليكم اني كنت أرى أن اتباع شيوخ التراث عليهم أن يبحثوا عن الموت بأي طريقة إن كانوا مسلمين، وان ينشروا الدين بالسيوف حتى يكون شيخي ملِكا على العالم،ومنقذا للبشرية.
لقد كنتُ أعتقد أن الأغنياء والحكام والسلاطين والملوك وأتباعهم في النار ، لأنهم قد أخذوا نصيبهم في الدنيا ، وأمّا الجنة فهي من نصيب المساكين اتباع شيخي فقط.
يا اصحابي لقد كنتُ أرى شعوبًا بأسرها تستحق الإبادة ؛ فهذا الشعب كافر ، وهذا مشرك ، وهذا مذهبهُ غير مذهبي ، وهذا حكومته عميلة ، وهذا يحكم بغير ما انزل الله.
احبابي كنت أنتظر عودة الفتوحات الإسلامية لأنعم بغنائم آخر الزمان مثل الكلاشنكوف ،والهاونات ، وسيارات البورش ولندروفر، والرولسرويس ، والمرسيدس، ودبابة ليوبارد2 ، وأستمتع بالسّبايا الحسان صاحبات الشعر الاصفر والساق الجميل الفتّان، والقد الممشوق ،كنت احلم بان يكون لي من السّبايا 30 على عدد ايام الشهر ، حتى اني اتسائل كيف ابيت ليلتي ان كان في الشهر31 ؟ لقد اخبرني شيخي ان الجميلات في لندن وفرنسا واسبانيا، وعليك بالاوكرانيّة فانها احسنهنّ جمالا وابيضهنّ بشرة.
كنتُ أحبّ خرافات التّراث في سماع القصص الخرافية الحزينة التي يسردها لنا تجار الدين عن بطولاتهم وصبرهم وعلمهم، وتنقلهم على الابل والخيل في الصحاري والبراري ، وكنتُ أدافع عن كتبهم التراثية وأظنها الإسلام الذي ارتضاه الله ، وأقرأ القرآن بالتجويد لأني يوم القيامة كما قالوا : سأقرأ وأصعد وتكون منزلتي عند آخر آية أحفظها .
كنتُ أكفّر وألعـ.ـن مَن ينتقد أفكاري ، وأغضب وأثور عندما يسب امامي صنم من اصنامي (البعض من الصحابة الذين اقتتلوا فيما بينهم) التراثية التي لم أكن أعرف عنها إلا ما أسمع من تجار الدين.
يا احبابي ويا اصحابي كنتُ بالتراث ارهابي ، وأصبحتُ بالقرآن مسلما وإنسانًا ، بعد أن عرفتُ الفرق بين الدين المحمدي الرباني ، والدين المشيخي الشيطاني.
يا اخواني علمتُ من القرآن أن الإلـٰه والرب المعبود الذي له الخلق والحكم والأمر والتشريع هو الله وحده ، وأن رسوله الذي أرسله إلينا بالكتاب هو محمد ابن عبد الله، ووجدتُ في القرآن أن أخبث وأرذل صنف من الناس توّعدهم الله بالويل والهوان والعقاب هم تجار الدين ، الذين يجعلونك تتخذ من دون الله أربابًا وأندادًا تحبّهم كحبّ الله ، وتجعل له شركاء في الحكم والأمر والتشريع.
عرفتُ أنّ الذين كنتُ أدعوهم من دون الله هم عبادٌ أمثالي ولن يستجيبوا لي ، وأدركتُ أن عليّ بالصلاة والدعاء .
علمتُ أن الإيمان ليس له زمان ولا مكان محدد ، والمؤمن يستطيع العيش في أي بيئة ونظام ومجتمع كما عاش مؤمن آل فرعون وامرأة فرعون بجوار الطاغية فرعون ..علمتُ أنه لا إكراه في الدين ولا إسلام بالسيف ، ولكل بني آدم الحق في الحياة والأمن بمختلف أديانهم وطوائفهم وأجناسهم ؛ فلا أعتدي إلا على المعتدي عليّ ، ولا أقاتل إلا من يقاتل الدولة التي وفرت لي اسباب العيش الكريم كائنًا من كان.